رأيك في المدونة

الجمعة، 14 يناير 2011

التوجهات الفلسفية لمناهج التربية الرياضية ج 1
________________________________________
مقدمة :
هناك مسافة بين ما يتم عمله وما يجب عمله هذه المسافة تمثل طموح الإنسان ورغبته فى الوصول للكمال وهذه المسافة ليست ثابتة بل متطورة ومتغيرة تتفاعل مع كل عصر حسب منجزاته وتطلعاته وإمكانياته وتقنياته .
والتربية الرياضية لإحدى المجالات التربوية التى تتضح فيها بشدة هذه الظاهرة وهى أن ما يجب عمله هو المنهج وما يمكن عمله هو التطبيق العملى للمنهج ، كلما ضاقت المسافة بين المنهج والتطبيق كلما كان الآداء متميزاً والإنجاز رائعاً من خلال تحقيق أهداف المنهاج وفى حالة اتساع هذه المسافة فإن الواقع العملى التطبيقى يكون متدنياً بشدة وذلك بسبب احتمالات كثيرة منها المبالغة المثالية فى الهدف ( ربط المنهج بالأدب والفنون أثناء تطبيق الحصة)
ويدرك العاملون بمجال التربية الرياضة من خلال تناولهم لتطبيق المناهج المعتمدة لهم أن هناك الكثير من المشكلات التى تعترض التطبيق العملى المناسب لهذه المناهج لذلك يحتاج هذا الوضع إلى تحليل علمى مناسب يتناول كل المفردات بشمول ولا يترك أياً منها بدون بحث وتحليل لأن مثل هذا التناول والحل الأمثل المؤدى إلى التطور الإيجابى فى المناهج وتقليل المساحة بين النظرية والتطبيق .
( مكارم حلمى أبو هرجة ، محمد سعد زغلول)
فلسفة المنهج فى التربية البدنية المدرسية والرياضية :
تشكل فلسفة التربية البدنية والرياضية أساساً هاماً من أسس بناء المنهج فى التربية البدنية المدرسية ذلك لأنها تعتمد على البحث والنقض والتحليل والتأمل فى القيم والمعانى والخبرات والمهارات التى يجب أن تصوغها الأهداف ويشتمل عليها المحتوى فتساعدنا على الاختبار المنطقى والأنسب للمواد والأنشطة والبرامج فى ضوء الاختبارات التربوية – تقدم الاتجاه الملائم للمنهج تصحيحاً وتنفيذاً وتقويماً . (محمد سعد زغلول ، وفاء الحماحمى – 97)
وحيث أن الفلسفة فى تعريف فينكس Phenix (ليست مجموعة من المعارف ولا تؤدى دراستها) إلى تجميع عدد من الحقائق وهى أيضاً ليست طريقة من طرق الحصول على المعرفة أو طريقة من طرق البحث . بل هى طريقة من طرق المنظومة للمعرفة التى لدينا فعلاً وهى تتضمن تنظيم وتفسير وتوضيح ما هو موجود بالفعل فى ميدان المعرفة والخبرة تعمل كمادة تتضمنه العلوم والفنون المختلفة والدين والأدب من معارف تستعمل المفاهيم العامة والعادية . ( أمين أنور الخولى ،جمال الدين الشافعى 65 – 67)
والفلسفة لا تهتم بالجزئيات من الحقائق العلمية والتربوية ، ولكنها تعبر عن الطرق الخاصة التى تنظم لهذه الحقائق بحيث تضفى عليها المعنى وتبرر وجودها وتطبيقها فى الحقل التربوى .
ويدور الإطار المفاهيمى لفلسفة التربية البدنية المدرسية حول (اللعب – الحرك – الصحة – اللياقة البدنية ) ؟ يكون لدى المفكر أى ميل للعب ولكنه يعلم أن اللعب هو المعنى الإنسانى الكامن وراء الأنشطة التربوية البدنية المدرسية والرياضية ، واللعب ليس هزلاً فى رأى العامة ولكنه عبارة عن بوتقة تجمع لديها خبرات اجتماعية وتربوية تظهر عناصر هاماً لتخرج لنا فرداً يتمتع بالمنضج والشمول والتكامل فى شخصيته الإنسانية .

عندما يتناول المفكر الحركة فإنه يعلم أنها المظهر الحى الأساس للوجود والإنسانى وحين يحلل الحركة لجهد ومسار واتجاه وزمن وفراغ فإن ذلك مقبول من وجهة النظر الفلسفى ويتخطى مراحل العملية إلى القيم الجمالية الكامنة فى الحركة وأشكالها الثقافية من رياضة ورقص ودراما ... فالفلسفة توضح لن أن الحركة مرتبطة بالمهارة والإبداع والفن وبالعلم أجمع .
ويقدر المفكر معطيات اللعب والحركة من صحة ولياقة فلا قيمة لحيات ذابلة خاملة تخلو منهما فهى أساس الاستعداد والتهيئ والمقدرة الكاملة التى لا يخلو أى نشاط مثمر منها بالإضافة بأنهما يمدنا بمتعة وتقبل الحياة .
لذلك فللفلسفة دور هام فى إضفاء المعنى على النشاط الإنسانى ويحث أن منهج التربية البدنية المدرسية تقديم ألوان الأنشطة البدنية والخبرات الحركية فإن فلسفة المنهج فى التربية البدنية المدرسية تفتح أمامها سؤلاً جدلياً عما إذا كانت هذه الأنشطة والخبرات (تمرينات – ألعاب – سباحة – ألعاب قوى – جمباز ) لها قيمتها التربوية التى تبرز وجود التربية البدنية فى سياقات المنهج المدرسى بإكساب القيم والخبرات فى الأنشطة وتعميق أثرها التربوى من خلال تنظيمات المنهج وإدارة الأنشطة وطرق التدريس واستراتيجيتها التربوية المتقدمة من خلال تبصير المدرس بدوره التربوى التنموى الهام عبر إطار الأهداف التى تشكل عقيدته التربوية والمهنية .
لابد وأن يتخطى منهج التربية البدنية المدرسية مفاهيم التدريس والتعليم ليصل للتربية الشاملة بجميع جوانب الشخصية الإنسانية فلا يغلب مفهوم المهارة على المعرفة أو الميل حيث يؤكد علماء النفس بأن الجوانب السلوكية من حركة هى وجوه لشئ واحداً للإنسان .

وحيث يقدم منهج التربية البدنية هذا الكم من المهارات والخبرات البدنية والمعرفية وباعتبار التربية البدنية المدرسية وسطاً نظامياً مربياً فعلى الفلسفة دور هام فى انتقاء ما هو وثيق الصلة من هذه الخبرات (وينضج الفرد وتتكامل شخصيته وتكيفيه نفسياً واجتماعياً) حيث أنها المرشد والموجه لكافة جوانب العملية التربوية بالأهداف وصياغتها وصولاً لأساليب وطرق التقويم ومروراً بالمحتوى النضجى لها .
لذلك يفترض أن يكون منهج التربية البدنية معبراً عن كافة المتغيرات والاعتبارات الاجتماعية والتربوية والثقافية والمتصلة بدور المنهج فى التطبيق والتنشئة الاجتماعية والثقافية بالمجتمع وانعكاس لمقدرتها وتطلعاتها فى إعداد المواطن الصالح .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.